كيف يمكن أن يساعدك التفكير المنظومي في التوسّع بذكاء والنمو بثبات؟
في عالم ريادة الأعمال والابتكار، غالبًا ما نتعامل مع الأمور من منظور القُمع (funnel)، ولوحات البيانات، والمؤشرات.
لكن… ماذا لو كان هذا التفكير ضيقًا جدًا؟
ماذا لو أن فشل الكثير من الحاضنات والمسرّعات والشركات الناشئة لا يعود إلى ضعف التنفيذ، بل إلى أنهم يستخدمون الخريطة الخطأ؟
هنا يظهر مفهوم علم المنظومات أو Systems Thinking.
إنه ليس مجرد أداة، بل هو تغيّر في طريقة التفكير، يساعد القادة والمصممين على فهم الترابط الديناميكي بين كل ما يحيط بهم — واستغلال هذا الفهم في بناء أنظمة أعمال وبرامج أكثر ذكاءً واستدامة.
المشكلة: تحسين الأداء دون فهم السياق
غالبًا ما تركز الشركات الناشئة وبرامج الدعم على “التحسين”:
عدد مستخدمين أكثر، معدلات احتفاظ أعلى، جولات تمويل أكبر…
لكن هذه الأهداف يمكن أن تنهار بسهولة إذا تم اتخاذ القرارات دون فهم المنظومة الأوسع.
على سبيل المثال:
- شركة ناشئة تتوسع في سوق جديدة دون دراسة البنية التحتية أو الثقافة المحلية
- مسرّعة تضيف خدمة جديدة دون التنسيق مع شركاء المنظومة
- جامعة تطلق صندوق تمويلي دون ربطه بالسياسات الوطنية القائمة
كل هذه أخطاء ناتجة عن غياب التفكير المنظومي — والنتيجة؟ موارد مهدورة، شراكات متوترة، أو فرص ضائعة.
ما هو التفكير المنظومي؟
التفكير المنظومي هو ممارسة النظر إلى مشروعك أو شركتك أو برنامجك كجزء من منظومة أوسع ديناميكية ومترابطة.
إنه يدعوك لتفهم:
- الترابطات المتبادلة: كل قرار تؤثر وتتأثر به عناصر أخرى
- حلقات التغذية الراجعة: التغيرات لا تنتج نتائج فورية فقط، بل تنتشر وتعود بأشكال متعددة
- فترات التأخير: تأثير قرار اليوم قد يظهر بعد شهور أو سنوات
- نقاط الرافعة: تغييرات صغيرة في المكان الصحيح يمكن أن تحدث أثرًا ضخمًا
ببساطة:
التفكير المنظومي يسألك: “كيف يرتبط هذا القرار بكل شيء آخر؟”
بدلًا من السؤال التقليدي: “ما هو الطريق الأسرع للنمو؟”
مثال واقعي: شركة تنهار بسبب تجاهل المنظومة
تخيل شركة توصيل تنطلق بسرعة في مدينة جديدة. تستثمر في التوظيف والتسويق والتقنية… ثم تتعثر فجأة.
لماذا؟
لأنها لم تأخذ في الحسبان:
- ضعف البنية التحتية والطرق
- ⛽تقلب أسعار الوقود
- ارتفاع معدل دوران السائقين
- ⚖️صعوبات في الإجراءات والتراخيص
لقد قامت بتحسين المنتج، لكنها تجاهلت المنظومة التي يعمل فيها المنتج.
✅ ماذا يحدث عندما تطبّق التفكير المنظومي؟
عندما تعتمد الجهات الداعمة مثل الحاضنات، المسرّعات، الجامعات، أو الهيئات الحكومية هذا الفكر، تظهر العديد من الفوائد:
- برامج أكثر مرونةقادرة على التكيف
- قرارات أذكىقائمة على فهم عميق
- تأثير أعلىبفضل قراءة أعمق للمنظومة
- مواءمة أفضلمع السياسات والاتجاهات المحلية والعالمية
في Growthlabs، نرى هذه النتائج بوضوح.
البرامج التي تبدأ بتحديد وفهم منظومتها أولًا، تحقق معدلات نجاح أعلى، شراكات أقوى، ومسارات تمويل أوضح وأكثر استدامة.
4 خطوات للبدء في التفكير المنظومي
سواء كنت تدير شركة ناشئة أو حاضنة أعمال أو مركز ريادة — إليك كيف تبدأ:
1️⃣ ارسم خريطة المنظومة
حدد جميع الأطراف المؤثرة: مستثمرين، صُنّاع سياسات، جامعات، عملاء، منافسين، مزودي خدمات، …إلخ.
2️⃣ لاحظ الأنماط والحلقات
هل هناك حلقات تغذية راجعة؟ هل التحسين في خدمة واحدة يؤدي لتحسين مؤشرات أخرى لاحقًا؟ افهم العلاقة.
3️⃣ زوّد الصورة قبل أن تدخل في التفاصيل
قبل أن تحل أي مشكلة، اسأل: ما المنظومة التي خلقت هذه المشكلة؟
4️⃣ درّب فريقك
اجعل التفكير المنظومي جزءًا من ثقافة العمل. استخدم أدوات مثل خرائط المنظومة، وتخطيط السيناريوهات، وتحليل الحلقات.
الخلاصة
برنامجك أو شركتك ليست مجرد عمليات داخلية أو قُمع مبيعات.
إنها منظومة حيّة، تعمل وسط منظومات أكبر منها: اقتصاد، تعليم، سياسات، بيئة…
كلما فهمت هذه المنظومات بشكل أعمق،
كلما استطعت أن تبني بشكل أذكى، وتتوسّع بثقة، وتُحدث أثرًا حقيقيًا.
في Growthlabs، نبني الأدوات التي تساعد البرامج والمنظومات الريادية على رؤية الصورة الكاملة — من تقييم جاهزية الشركات الناشئة إلى تحليل النظام البيئي الكامل للبرنامج.
دعنا نتوقف عن إدارة الأجزاء، ونبدأ في تصميم الكل.
لأن المستقبل لا ينتمي إلى الشركات الأكثر “تحسينًا”،
بل إلى الشركات الأكثر تكيفًا وفهمًا للنظام.